السبت، 29 سبتمبر 2012

الطريقة الشرعية لحل الخلافات الزوجية



في البداية لا بد من العلم بإن الحياة الزوجية تستقيم إذا ما علم كل من الزوجين حق صاحبه وأداه إليه راضياً، فللزوج حقوق على زوجته، وللزوجة حقوق على زوجها، قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة) [البقرة: 228].

وعلى الزوج أن يعاشرها بالمعروف وهي كذلك، قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) [النساء: 19].

ويجب على المرأة أن تطيع زوجها ـ في غير معصية الله ـ فإن هي فعلت ذلك فإن جزاءها الجنة. قال صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد

وسبب الشقاق بين كثير من الأزواج أن أحدهما يطلب حقه، ولا يعطى للآخر حقه أو يقصر فيه، أو لا يتغاضى عن الهفوات والزلات التي تحدث من غير قصد، ولا ينظر إلى المحاسن، ولكن ينظر إلى العيوب ويتعاظم لديه شأنها، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر". لا يفرك: أي لا يكره. 

غير أنه قد يستحكم الشقاق ويدوم الخلاف لنشوز الزوجة، وعدم اكتراثها بطاعة بعلها وليس كل خلاف ينبعث عنه الطلاق، وإنما الذي يعينه هو دوام الشقاق الذي تستحيل معه العشرة الزوجية، مع عدم رأب الصدع وصلاح الحال.

وفي حالة الشقاق نفسه لا يجوز فصم عرى الزوجية مباشرة، فلابد للزوج من أن يسلك ما أمره الله به، فلابد من وعظها، ثم هجرها إن لم يفد معها الوعظ، ثم ضربها ضرباً غبر مبرح إن لم تنزجر بالهجر، فإن لم تنفع معها الطرق السابقة في إصلاحها فيجري التحكيم قبل انفصام عرى الزوجية بإرسال حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة، ليتروى كل من الزوجين، ويجدا الفرصة للصلح ورجوعهما عن رأيهما، فإن نفدت وسائل الإصلاح والجمع وتحقق لدى الحكمين أن التفريق أجدى فالفرقة في هذه الحالة أفضل. قال تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينها إن الله كان عليماً خبيراً) [النساء: 34، 35].

الجمعة، 28 سبتمبر 2012

اقسام الناس في الصلاة



لقد ذكر الامام ابن القيم رحمه الله مراتب الناس في الصلاة واقسامهم فقال في كتابه الوابل الصيب ( والناس في الصلاة على مراتب خمسة )

أحدها : مرتبة الظالم لنفسه المفرط وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها .

الثاني : من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها لكن قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة فذهب مع الوساوس والأفكار

الثالث : من حافظ على حدودها وأركانها وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار فهو مشغول بمجاهدة عدوه لئلا يسرق صلاته فهو في صلاة وجهاد

الرابع : من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها لئلا يضيع شيئا منها بل همه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها واتمامها قد استغرق قلب شأن الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها

الخامس : من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز و جل ناظرا بقبله إليه مراقبا له ممتلئا من محبته وعظمته كأنه يراه ويشاهده وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطوات وارتفعت حجبها بينه وبين ربه فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أفضل وأعظم مما بين السماء والأرض وهذا في صلاته مشغول بربه عز و جل قرير العين به

فالقسم الأول معاقب والثاني محاسب والثالث مكفر عنه والرابع مثاب والخامس مقرب من ربه لأن له نصيبا ممن جعلت قرة عينه في الصلاة فمن قرت عينه بصلاته في الدنيا قرت عينه بقربه من ربه عز و جل في الآخرة وقرت عينه أيضا به في الدنيا ومن قرت عينه بالله قرت به كل عين ومن لم تقر عينه بالله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات وقد روي أن العبد إذا قام يصلي قال الله عز و جل : ( ارفعوا الحجب فإذا التفت قال أرخوها ) وقد فسر هذا الالتفات بالتفات القلب عن الله عز و جل إلى غيره فإذا التفت إلى غيره أرخى الحجاب بينه وبين العبد فدخل الشيطان وعرض عليه أمور الدنيا وأراه إياها في صورة المرآة وإذا أقبل بقلبه على الله ولم يلتفت لم يقدر الشيطان على أن يتوسط بين الله تعالى وبين ذلك القلب وإنما يدخل الشيطان إذا وقع الحجاب فإن فر إلى الله تعالى وأحضر قلبه فر الشيطان فإن التفت حضر الشيطان فهو هكذا شأنه وشأن عدوه في الصلاة ( انتهى قوله رحمه الله ).

الخميس، 27 سبتمبر 2012

اجمع حسنات وانت نائم


هل ترغب في جمع حسنات حتى في منامك حتى تصبح ، هل هذا ممكن ؟ الجواب نعم هذا ممكن ، وهذا مصداق لقول رسول الله "يدخل المرء الجنة رغم انفه".

1- توضأ كوضوئك للصلاة قبل النوم
كما ثبت من حديث البراء بن عازب –رضي الله عنه– قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل ' اللهم أسلمت نفسي إليك ، وفوضت أمري إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت فإن مت مت على الفطرة ) ( متفق عليه ) .

2-إنفض فراشك بطرف إزارك 
كما ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام أحدكم من فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصنفة إزاره ثلاث مرات فإنه لا يدري ما خلفه عليه بعده وإذا اضطجع فليقل : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه فإن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين ) ( متفق عليه ) 0 7

3- إجمع كفيك وانفث فيهما بالإخلاص والمعوذتين وامسح وجهك وما استطعت من جسدك 
: كما ثبت من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما : 'قل هو الله أحد' و ' قل أعوذ برب الفلق ' و ' قل أعوذ برب الناس ' ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات ) ( أخرجه الإمام البخاري وأبو داوود والنسائي ) .

4- نام على شقك الأيمن واضعا كف يدك اليمنى تحت خدك الأيمن مستقبلا القبلة 
: كما ثبت من حديث حفصة - رضي الله عنها - قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول : اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك ' ثلاث مرات ' ) ( أخرجه الإمام أحمد والإمام مسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي ) .

5- حصن نفسك قبل النوم :
وذلك بالمحافظة على قراءة بعض الآيات الثابتة كآية الكرسي وأواخر البقرة ، وسور الإخلاص والمعوذتين والمحافظة على أذكار وأدعية النوم المأثورة .

6- إلجأ إلى الله سبحانه وتعالى بالاستعاذة به من الشيطان الرجيم 
: كما ثبت من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ، ليجعله في وجهي ، فقلت : أعوذ بالله منك – ثلاث مرات – ثم قلت : العنك بلعنة الله التامة ، فلم يستأخر – ثلاث مرات – ثم أردت أن أخذه ، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة ) ( أخرجه الإمام مسلم والنسائي ) .

اذا فعلت هذا قبل ان تنام 
1- سوف تكون في معية الله تعالى حتى تصبح.
2- إقتديت برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.
3-عداد الحسنات عندك يعمل طوال وقت نومك.

الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

المرأة فى بيت النبوة




بسم الله الرحمن الرحيم 

لقد عاشت المرأة المسلمة في البيت النبوي عيشة كريمة ، مرتاحة الضمير ، متمتعة ً بقدر كبير من الحرية والاحترام.
عاشت عزيزة ، كريمة ، مصانة ، غير مهانة ، ولا محتقرة ، ولا مستخف بها ، ولا تزدري ، ولا تكلّف بما لا تطيق ، ولا تحرم من إبداء رأيها والإفصاح عما يجول في خاطرها .

قال ابن كثير رحمه الله : " وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة ، دائم البـِـشر يداعب أهله ، ويتلطف بهم ، ويوسعهم 
نفقته ، ويضاحك نساءه ، حتى أنه كان يسابق عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها ، يتودّد إليها بذلك . قالت : "هذه بتلك " ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ؛ ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها .

وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد ، يضع عن كتفيه الرداء ، وينام بالإزار .

وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله ، يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام ، يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم . وقد قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَه) فما أحسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه ، وما ألطفه بهن وأحلمه عليهن وأكرمهن لهن صلى الله عليه وسلم .

وانظر إلى هذا الموقف العظيم الذي يبين مكانه المرأة في بيت النبوة ، ويبين أيضاً لطف النبي صلى الله عليه وسلم بنسائه وحبّ نسائه له عليه الصلاة والسلام .

فقد روت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم قال لها : " إني لأعلم إذا كنت راضية ، وإذا كنت عليّ 
غضبى" قالت : من أين تعرف ذلك ؟ فقال : " أما إذا كنت عني راضية ، فإنك تقولين : لا وربّ محمد ، وإذا كنت غضبي قلت : لا وربّ إبراهيم " قالت : أجل والله يا رسول الله ، ما أهجر إلا اسمك "(متفق عليه)

إن هذه الكلمات الدافئة و المشاعر الفياضة ، والحنان التام حق من حقوق المرأة على زوجها ، فلماذا لا تطالب بعض النساء بهذا الحق الذي لهن ، بينما تطالب بأمور أخرى لا يقرها الشرع ؛ كالتبرج والاختلاط والنزول إلى مجتمعات الرجال ومجاورتهم في مكاتبهم و مصانعهم ومعاملهم مدعية ً مشورتها ورغبتها في كثير ٍ من الأمور .

فعن جابر رضي الله عنه ، أن عائشة رضي الله عنها في حجة النبي صلى الله عليه وسلم – وساق حديثا ً قال فيه - :" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ً سهلا ً ، إذا هويت الشيء تابعها عليها" (رواه مسلم )

وكان صلى الله عليه وسلم يعلم رقة النساء ، وصدق مشاعرهن ، ورهافة حسهن ، ولذلك كان يرفق بهن ويحترم رغباتهن .

فعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : دخل الحبشة المسجد يلعبون ، فقال لي :" أتحبين أن تنظري إليهم ؟" فقلت : نعم ، أسندت وجهي على خده . 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "حسبك" فقلت : يا رسول الله لا تعجل . فقام لي . ثم قال لي : " حسبك " فقلت : لا تعجل يا رسول الله . قالت : وما لي حبّ النظر إليهم ، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي "إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أعظم إنسان عامل امرأة ً تلك المكانة من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فإذا لم تكن هذه المرأة سعيدة فمن السعيدة إذن ؟ 
وإذا لم تكن حرة فمن الحرة إذن ؟
هل الحرية في التمرد على الدين والأخلاق و المبادئ ؟
هل الحرية في التهتك ، والتبرج ، و التعري ، و الفجور ؟
هل الحرية في ذبح العفاف ، ووأد الفضيلة ، وقتل الغيرة ؟

إن الحرية الحقيقة هي ما كانت تعيشه زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في ظل هذا الزوج العظيم .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : والله إن كنّا في الجاهلية ما نعدُّ النساء أمرًا – أي لا نرى لهن شأنّا – حتى أنزل الله فيهن ما أنزل ، وقسم ، فبينما أنا في أمر أئتمره إذ قالت لي امرأتي : لو صنعت كذا وكذا فقلت لها : ومالك ِ أنت ولما ها هنا ؟ وما تكلُّف في أمر ٍ أريده ؟
فقالت لي : عجبا ً لك يا ابن الخطاب ! ما تريد أن تراجع أنت ، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى يظل يومه غضبان !!

فلما سمع عمر ذلك ، أخذ رداءه وخرج حتى دخل على حفصه ابنته فقال لها : يا بنية ! إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان ؟ 
فقالت : والله إنا لنراجعه . 
قال : تعلمين أني أحذرك عقوبة الله و غضب رسوله . يا بنية ! لا يغرنك هذه التي قد أعجبها حسنها ، وحبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إيِّاها – يعني عائشة- رضي الله عنها- 
ثم دخل عمر على أمًّ سلمة رضي الله عنها : عجباً لك يا ابن الخطاب ! قد دخلت في كل شيء حتى تبتغي أن تدخل بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أزواجه . 
قال : فأخذتني أخذا ً ، كسرتني عن بعض ما كنت أجد ، فخرجت من عندها .."

هكذا كان يعامل النبي (صلى الله عليه وسلم) أزواجه ويصبر عليهن ويحتمل أذاهن ، حتى إن إحداهن لتراجعه حتى يظل يومه غضبان .

إن ميثاق تحرير المرأة عقد يوم نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة ، فنشأ بذلك عهد جديد حصلت فيه المرأة على كافة حقوقها .. إن ميثاق تحرير المرأة نشأ يوم قال عليه الصلاة والسلام : " حبب إلي من دنياكم النساء..." ويوم قال عليه الصلاة والسلام : " اللهم إني أحرّجُ حقّ الضعيفين : اليتيم و المرأة " ويوم قال صلى الله عليه وسلم : " لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ، ثم يجامعها في آخر النهار " .

ويوم قال صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " ويوم قال عليه الصلاة والسلام : " الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة " ويوم قال عليه الصلاة والسلام خطيباً في حجة الوداع وسط أكثر من مائة ألف حاج قائلاًَ : " ...فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله" ويوم قال عليه الصلاة والسلام : " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقّه مائل " ويوم قال عليه الصلاة والسلام : " لا تضربوا إماء الله" ويوم قال عليه الصلاة والسلام : " إنك مهما أنفقت عل أهلك ؛ فإنك تؤجر عليها ، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك "ويوم قال عليه الصلاة والسلام : " استوصوا بالنساء خيراً "ويوم قال عليه الصلاة والسلام : "إن الرجل إذا سقى امرأته من الماء أُجر"هذا هو التحرير الحقيقي للمرأة؛ زوج يحب زوجته ، ويلطف بها ، ويعطف عليها ، ويرحمها ، ويقوم بنفقتها ، ويقدر مشاعرها، ويطعمها مما يطعم ، ويكسوها إذا اكتسى ، لا يشتم ولا يلعن ولا يقبح ولا يذم ؛ بل يرفع اللقمة إلى فيها فيطعمها ، ويناولها كأس الماء فيرويها، ويقوم بحاجتها النفسية والثقافية والاجتماعية والصحية ، كل ذلك في بيتها درة مصونة ، ولؤلؤة مكنونة لا تطمع في النظر إليها الأعين ، ولا تتخيل ملامستها الأيدي ، ولا تجرؤ على النيل منها الألسن .

هذا هو التحرير الحقيقي للمرأة لا ما يدعوها إليه ضعاف النفوس الذين لا يريدون الخير للمرأة وإنما يريدونها أن تكون كالمرأة الغربية جسداً بلا روح ، ودمية تتداولها الأيدي فترة من الزمان ثم ما تلبث أن يلقى بها في غياهب النسيان تصارع من أجل البقاء فلا تجد يداً حانية تمتد إليها في وقت ضعفها وكبرها ، ولا تجد يداً تستمع لشكواها وتتألم لآلامها وتهتم لهمومها ، ولا تجد عيناً تنظر إليها نظرة عطف وحنان وتقدير بعدما فقدت شبابها الذي كانوا يتهافتون عليها من أجله.

                                                                               بقلم :- هبه محمد

الأحد، 23 سبتمبر 2012

المعنى اللفظي والاعجازي لكلمة (الله)



طرح احد الاساتذة في جامعة اليرموك الأردنية سؤولا على احدى الطالبات من الإسبانية ، ما معنى لفظ الجلالة (الله) ، من الناحية الإعجازية اللغوية ومن الناحية الصوتية؟

فأجابت : إن أجمل ما قرأت بالعربية هو اسم (الله) ، فآلية ذكر اسمه سبحانه وتعالى على اللسان البشري لها نغمة متفردة.

فمكونات حروفه دون الأسماء جميعها يأتي ذكرها من خالص الجوف , لا من الشفتين ، فـلفظ الجلالة لا تنطق به الشفاه لخلوه من النقاط ..اذكروا اسم... (الله) الآن ولاحظوا وراقبوا كيف نطقتموها ، هل استخرجتم الحروف من باطن الجوف أم أنكم لفظتموها ولا حراك في وجوهكم وشفاهكم ،ومن حكم ذلك انه إذا أراد ذاكر أن يذكر اسم الله فإن أي جليس لن يشعر بذلك .

- ومن إعجاز اسمه انه مهما نقصت حروفه فإن الاسم يبقى كما هو ، وكما هو معروف أن لفظ الجلالة يشكل بالضمة في نهاية الحرف الأخير"اللهُ" وإذا ما حذفنا الحرف الأول يصبح اسمه لله كما تقول ال [ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها].

- وإذا ما حذفنا الألف واللام الأولى بقيت" له"ولا يزال مدلولها الإلهي كما يقول سبحانه وتعالى [ له ما في السموات والأرض]

- وإن حذفت الألف واللام الأولى والثانية بقيت الهاء بالضمة" هـُ " ، ورغم ذلك تبقى الإشارة إليه سبحانه وتعالى كما قال في كتابه [هو الذي لا اله إلا هو] 

- وإذا ما حذفت اللام الأولى بقيت " إله" كما قال تعالي في الآية: [ الله لا إله إلا هو]

السبت، 22 سبتمبر 2012

مقتطف من مقال للشيخ الطنطاوي



ومهما كان المرء فقيرا فإنه يستطيع أن يعطي شيئا لمن هو أفقر منه ، إن أصغر موظف لا يتجاوز راتبه مئة وخمسين قرش ، لا يشعر بالحاجة ولا يمسه الفقر إذا تصدق بقرش واحد على من ليس له شيء ، وصاحب الراتب الذي يصل إلى أربعة جنيهات لا يضره أن يدفع منها خمس قروش ويقول ' هذه لله ' ، والذي يربح عشرة آلاف من التجار في الشهر يستطيع أن يتصدق بمئتين منها في كل شهر . 

ولا تظنوا أن ما تعطونه يذهب بالمجان ، لا والله ، إنكم تقبضون الثمن أضعافا ؛ تقبضونه في الدنيا قبل الآخرة ، ولقد جربت ذلك بنفسي ، أنا أعمل وأكسب وأنفق على أهلي منذ أكثر من ثلاثي ن سنة ، وليس لي من أبواب الخير والعبادة إلا أني أبذل في سبيل الله إن كان في يدي مال ، ولم أدخر في عمري شيئا ، وكانت زوجتي تقول لي دائما : ' يا رجل ، وفر واتخذ لباتك دارا على الأقل ' ، فأقول : خليها على الله ، أتدرون ماذا كان ؟ !!

لقد حسب الله لي ما أنفقته في سبيله وادخره لي في بنك الحسنات الذي يعطي أرباحا سنوية قدرها سبعون ألفا في المئة ، نعم : {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ} ، وهناك زيادات تبلغ ضعف الربح : {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ} ، فأرسل الله صديقا لي سيدا كريما من أعيان دمشق فأقرضني ثمن الدار ، وأرسل أصدقاء آخرين من المتفضلين فبنوا الدار حتى كملت وأنا – والله – لا أعرف من أمرها إلا ما يعرفه المارة عليها من الطريق ، ثم أعان الله برزق حلال لم أكن محتسبا فوفيت ديونها جميعا ، ومن شاء ذكرت له التفاصيل وسميت له الأسماء . 

وما وقعت والله في ضيق قط إلا فرجه الله عني ، ولا احتجت لشيء إلا جاءني ، وكلما زاد عندي شيء وأحببت أن أ حفظه وضعته في هذا البنك .


فهل في الدنيا عاقل يعامل بنك المخلوق الذي يعطي 5%ربحاً حراماً وربما أفلس أو احترق ، ويترك بنك الخالق الذي يعطي في كل مئة ربح قدره سبعون ألفا ؟، وهو مؤمن عليه عند رب العالمين فلا يفلس ولا يحترق ولا يأكل أموال الناس . 

فلا تحسبوا أن الذي تعطونه يذهب هدرا، إن الله يخلفه في الدنيا قبل الآخرة ، وأنا لا أحب أن أسوق لكم الأمثلة فإن كل واحد منكم يحفظ مما رأى أو سمع كثيرا منها ، 


والصدقة تدفع البلاء ويشفي الله بها المريض ، ويمنع الله بها الأذى وهذه أشياء مجربة ، وقد وردت فيها الآثار ، والذي يؤمن بأن لهذا الكون إلها هو يتصرف فيه وبيده العطاء والمنع ، وهو الذي يشفي وهو يسلم ، يعلم أن هذا صحيح ، والملحد ما لنا معه كلام .
ولا تعطي عطاء الكبر والترفع ، فإن الابتسامة في وجه الفقير ( مع القرش تعطيه له ) خير من جنيه تدفعه له وأنت شامخ الأنف متكبر مترفع ، ولقد رأيت بنتي الصغيرة بنان – من سنين – تحمل صحنين لتعطيهما الحارس في رمضان قلت : تعالي يا بنت ، هاتي صينية وملعقة وشوكة وكأس ماء نظيف وقدميها إليه هكذا ، إنك لم تخسري شيئا ، الطعام هو الطعام ، ولكن إذا قدمت له الصحن والرغيف كسرت نفسه وأشعرته أنه كالسائل ( الشحاذ ) .

أما إذا قدمته في الصينية مع الكأس والملعقة والشوكة والمملحة ينجبر خاطره ويحسّ كأنه ضيف عزيزومن أبواب الصدقة ما لا ينتبه له أكثر الناس مع أنه هين ، من ذلك التساهل مع البياع الذي يدور على الأبواب يبيع الخضر أو الفاكهة أو البصل ، فتأتي المرأة تناقشه وتساومه على القرش وتظهر ' شطارتها ' كلها ، مع أنها قد تكون من عائلة تملك مئة ألف وهذا المسكين لا تساوي بضاعته التي يدور النهار لييعها ، لا تساوي كلها عشرة قروش ولا يربح منها إلا قرشين ! 

فيا أيها النساء أسألكن بالله ، تساهلن مع هؤلاء البياعين وأعطوهم ما يطلبون ، وإذا خسرت الواحدة منكن ليرة فلتحسبها صدقة ؛ إنها أفضل من الصدقة التي تعطى للشحاذ .

الخميس، 20 سبتمبر 2012

الرد على شبهة تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم



لعل العديد من اعداء الاسلام قد جعلوا من تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم اغلى بضاعتهم الفاسدة ، فهم يقولون ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان كثير الزواج ، وحاولوا الإساءة الى حضرته الشريفة من خلال هذه الشبهة ، لذلك فإذا جاءك أحد وسألك بنية غير سليمة وفهمت منها نية الإحراج والتشكيك في نوايا الرسول -صلى الله عليه وسلم - من تعدد زواجه....فهل تعرف الإجابة؟ دعنا نأخذ هذا الموضوع بالدراسة والتمحيص :

لماذا نخوض في مثل هذه الأمور؟؟
حتى تملك دفع هذا الحرج الذي سببه عدم معرفتك معرفة تامة بظروف وحقيقة زواج النبي - صل الله عليه وسلم من عدة نساء؟

أولا : لنتسائل بداية كم هن عدد زوجات الرسول - صل الله عليه وسلم - ؟
عددهن 12 زوجة
والرسول - عليه الصلاة والسلام - توفي وعنده عشر زوجات ، حيث توفيت في حياته السيدة خديجة والسيدة زينب بنت خزيمة ...رضي الله عنهما ...

ثانياأسماء زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، وهن أمهات المؤمنين
1. خديجة بنت خويلد
2. سودة بنت زمعة
3. عائشة بنت ابي بكر
4. حفصة بنت عمر
5. زينب بنت خزيمة
6. أم سلمة هند بنت عتبة
7. زينب بنت جحش
8. جويرية بنت الحارث
9. صفية بنت حي بن أخطب
10. أم حبيبة رملة بنت ابي سفيان
11. ماريا بنت شمعون المصرية
12. ميمونة بنت الحارث

ولم يكن من بين زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم-  الإ أم المؤمنين عائشة "بكر" وباقي النساء ثيبات ، وكان جميع نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- عربيات عدا السيدة (ماريا) فقد كانت من خارج جزيرة العرب وكانت قبطية ، وكانت جميع نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- مسلمات إلا اثنتين فكانت السيدة صفية كانت يهودية والسيدة ماريا  مسيحية , رضي الله عنهن جميعا.

ثالثاً:إن اعداء الاسلام يقولون إن سبب زواج الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الشهوة ، ويمكن الرد على ذلك كالتالي:
إذا تأملنا مراحل حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الزوجية نجد أن الشهوة اختفت من حياته والدليل عقلي هذه المرة ,لنتأمل :
1. الرسول - صلى الله عليه وسلم - منذ نشأته و حتى سن 25 كان أعزبا
2.الرسول - صلى الله عليه وسلم- من سن 25 إلى 50 (وهي فورة الشباب) متزوج من سيدة أكبر منه ب15 سنة ومتزوجة من قبله برجلين ولها اولاد.
3.الرسول - صلى الله عليه وسلم - من سن 50 إلى 52 سنة من غير زواج حزنا وفاء لزوجته الأولى.
4.الرسول - صلى الله علسه وسلم - من سن 52 إلى 60 تزوج عدة زوجات لأسباب سياسية ودينية واجتماعية سنأتي على تفصيلها فيما بعد.

إذا ...
بعد هذه اللمحة التاريخية يمكننا التساؤل :هل من المعقول أن الشهوة ظهرت فجأة من سن 52 سنة؟ وهل من المعقول للرجل المحب للزواج أن يتزوج في فورة شبابه من ثيب تزوجت مرتين قبله ويمكث معها 25 سنة من غير أن يتزوج بغيرها ، ثم يمكث سنتين من غير زواج وفاء وتكريما لها! 

ثم إنه عليه الصلاة والسلام عند زواجه بعد السيدة خديجة ، تزوج السيدة سودة وكان عمرها (80) سنة حيث كانت اول أرملة في الإسلام - واراد عليه الصلاة والسلام أن يكرمها ويكرم النساء اللواتي مثلها حيث ابتدا بنفسه ولم يأمر صحابته بزواجها , بل هو عليه الصلاة والسلام قام بتكريمها بنفسه ليكون هذا العمل الإنساني قدوة من بعده.

بعد ما قلناه نخلص إلى النتيجة التالية :أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - تزوج بصفتين:
1 . محمد الرجل (تزوج بالسيدة خديجة)
2. محمد الرسول (تزوج باقي نسوته)
ولنسأل السؤال التالي :
هل الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - هو الوحيد الذي عدد أم أن هنالك انبياء عددوا أيضا؟ الجواب على ذلك نعم ، لقد عدد المرسلون والأنبياء - صلى الله عليه وسلم كسيدنا إبراهيم وسيدنا داود وسليمان - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهذا مكتوب في الكتب السماوية كلها ، وهذا من الأمور التي تثير الامتعاض حيث أن الغرب يهاجم رسول الله "محمد" -صلى الله عليه وسلم- وهم معترفون أصلا بتعدد زوجات انبيائهم ومكتوبة عندهم!

رابعاً : أما الآن نأتي لذكر الدواعي السياسية والإجتماعية والدينية التي دعت الرسول -صلى الله عليه وسلم- لتعديد زوجاته
أولا : توريث الإسلام والدعوة بدقة تفاصيلهما وخصوصياتهما (كالصلاة وحركاتها ) فلا بد من دخول ناس لبيت الرسول - صلى الله عليه وسلم- لنقل التفاصيل المطلوبة لتعليم الأمة ...فأراد الله - عزوجل - بزواج الرسول من السيدة عائشة حيث كانت صغيرة أن تتعلم منه الكثير بحكم سنها (والعلم في الصغر كالنقش في الحجر ) وعاشت بعده 42 سنة تنشر تعاليم الإسلام.

والحديث في علم السيدة عائشة يطول حيث أنها كانت أعلم الناس بالفرائض والنوافل ، وإجمالي عدد الأحاديث المروية عن زوجات الرسول - عليه الصلاة والسلام - 3000 حديث.

أما شبهة زواج السيدة عائشة وهي صغيرة فقد كانت طبيعة البيئة الصحراوية ، أن الفتاة تبلغ بسرعة وكان متعارف على تزويج الصغيرات ليس عند العرب فحسب بل عن الروم والفرس ....

ثانيا : تأصيل العلاقة بين الصحابة وتشبيكها مما يؤدي إلى تماسك الامة ، فها هو عليه السلام يتزوج بابنة أبي بكر وبنت عمر بن الخطاب ، ويزوج ابنتيه لسيدنا عثمان والبنت الثالثة لسيدنا علي رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم .

ثالثا : الرحمة بالارامل حيث تزوج الرسول - صل الله عليه وسلم - من الأرامل (السيدة سودة وأم سلمة وأم حبيبة )

رابعا: استكمال تشريع الإسلام حيث يقوم الرسول بالفعل بنفسه ليكون قدوة واسوة للمسلين من بعده سواء كان بتكريم الأرامل أو الرحمة بمن اسلم من غير المسلمين كزواجه بصفية بعدما مات أبوها ورفعة لشأنها عند حاسديها من اليهود.

خامسا : محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعقد الصلة والرابطة بين أقطار الأرض كلها حيث أراد بزواجه من السيدة ماريا المصرية أن يؤلف بلدا بأكمله والرسول عليه الصلاة والسلام تزوج السيدة جويرية حتى يسلم بنو المصطلق حيث كانوا أسرى بيد المسلمين بعد غزوة بني المصطلق والقصة معروفة.

بعد هذا العرض نأتي للخاتمة ...مشروعية التعدد بهذا العدد (فوق أربع زوجات ) كانت خصوصية من خصوصيات الرسول - صلى الله عليه وسلم - كخاصية وصال الصيام والقيام ...ونأتي لهذه الخاصية ونطبقها ...؟؟؟؟

في النهاية لو كان دافع النبي من الزواج اشباع شهوته لكان بإمكانه ان يشبع شهوته دون ان يتزوج النساء (والعياذ بالله )(حاشى رسول الله) ، فالشهوة آمر لحظي يختلف عن الزواج الأبدي . ولكنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يتزوج بدافع الشهوة .

الرزق والأجل



سئل الحسن البصري عن سر زهده في الدنيا فقال:

أربعة أشياء 

علمت أن عملي لا يقوم به غيري فاشتغلت به.

وعلمت أن رزقي لا يذهب إلى غيري فاطمأن قلبي.

و علمت أن الله مطلع علي فاستحييت أن يراني على معصية.

وعلمت أن الموت ينتظرني فاعددت الزاد للقاء ربي. 


رأى إبراهيم بن أدهم رجلا مهموما فقال له:أيها الرجل إني أسألك عن ثلاث تجيبني قال الرجل: نعم. 
  * فقال له إبراهيم بن أدهم: أيجري في هذا الكون شئ لا يريده الله؟ قال : كلا 
* قال إبراهيم : أفينقص من رزقك شئ قدره الله لك؟ قال: لا 
* قال إبراهيم: أفينقص من أجلك لحظة كتبها الله في الحياة؟ قال: كلا 
فقال له إبراهيم بن أدهم: فعلام الهم إذن؟؟!


::::   الشكوى إلى الله ::::

قال الأحنف بن قيس: شكوت إلى عمي وجعا في بطني فنهرني ثم قال: يا ابن أخي لا تشك إلى أحد ما نزل بك فإنما الناس رجلان : صديق تسوؤه و عدو تسره.

 يا ابن أخي:

 لا تشكو إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله لنفسه ولكن اشك إلى من ابتلاك به فهو قادر على أن يفرج عليك.

 يا ابن أخي

إحدى عيني هاتين ما
أبصرت بهما سهلا ولا جبلا منذ أربعين سنة و ما أطلعت ذلك امرأتي ولا أحدا من أهلي. 

قال أحد الصالحين : - عجبت لمن بُلي بالضر، كيف يذهل عنه أن يقول: { أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين } والله تعالى يقول بعدها: { فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر }
.(الأنبياء:84)

-  وعجبت لمن بلي بالغم، كيف يذهل عنه أن يقول: { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } والله تعالى يقول بعدها: { فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين }
(الأنبياء 88) 

-  وعجبت لمن خاف شيئاً، كيف يذهل عنه أن يقول: { حسبنا الله ونعم الوكيل } والله تعالى يقول بعدها: { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء } (آل عمران:174).

-  وعجبت لمن كوبد في أمر، كيف
يذهل عنه أن يقول: {  وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد }

والله تعالى يقول بعدها: { فوقاه الله سيئات ما مكروا } (غافر:45)

  - وعجبت لمن أنعم الله عليه بنعمة خاف زوالها، كيف يذهل عنه أن يقول: {  ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله } (الكهف:39)

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

لماذا يفتتح الأذان بعبارة الله اكبر




يبدأ الأذان بقول المؤذن ( الله اكبر الله اكبر) ، وهي من اهم اذكار وكلمات المسلمين التي تدل على عظمة وقوة وعلو وسموا الله عز وجل ، لكن هل سألت نفسك يوما لماذا يفتتح الأذان بعبارة : ( الله أكبر )؟؟

لماذا برأيك لم تكن بداية الأذان عبارة أخرى لعلها تكون (سبحان الله) أو (أشهد أن لا إله إلا الله …. ) فلنقرأ هذه الآية من سورة الجمعة ونتأمل فيها جيداً

قال الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [الجمعة:9]

إن كل ما يشغلك في هذه الدنيا لا يمكن مقارنته بالله عز وجل فالله تعالى اكبر من مشاغل الحياة ، وهذه المشاغل لا تساوي شيء بالمطلق أمام هذا النداء العظيم .
إن كنت تدرس وتذاكر فالله أكبر من مما تقرأه وتحضر له
إن كنت تزرع وتحصد
فالله أكبر من أن تنشغل عن ندائه بزراعة وثمار
إن كنت تبيع وتشتري
فالله أكبر من تلك التجارة وإن ربحت
لذا فعبارة الله أكبر هي خير
لنا ما حيينا وهنا نقف وقفه هامة جداً وهي أنك إذا علمت
معنى أن الله اكبر من أي أمر يشغلك عن الصلاة فقد فزت ونجوت

الله أكبر الله أكبر الله أكبر  

من بديع الإيجاز والإطناب في القرآن الكريم



في البداية يعرف علماء البلاغة الإيجاز بأنه التعبير عن الشيء المراد بلفظ غير زائد ، ويقابله الإطناب ؛ وهو التعبير عن الشيء المراد بلفظ يزيد عن الأول ، ويكاد ان يجمع الجمهور على أن الإيجاز والاختصار بمعنى واحد ؛ ولكنهم يفرقون بين الإطناب ، والإسهاب بأن الأول تطويل لفائدة ، وأن الثاني تطويل لفائدة ، أو  غير فائدة . 

ويعدُّ الإيجاز والإطناب من أعظم أنواع البلاغة عند علمائها ، حتى نقل صاحب سر الفصاحة عن بعضهم أنه قال : اللغة هي الإيجاز والإطناب ، و قال الزمخشري صاحب الكشاف : كما أنه يجب على البليغ في مظانِّ الإجمال أن يجمل ويوجز ، فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصل و يشبع.

ومن بديع الإيجاز قوله تعالى في وصف خمر الجنة :﴿لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ﴾ (الواقعة: 19) ، فقد جمع عيوب خمر الدنيا من الصداع ، وعدم العقل ، وذهاب المال ، ونفاد الشراب . 

وحقيقة قوله تعالى :﴿ لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا ﴾ . أي: لا يصدر صداعهم عنها. والمراد : لا يلحق رؤوسهم الصداع ، الذي يلحق من خمر الدنيا . وقيل : لا يفرقون عنها ، بمعنى : لا تقطَع عنهم لذتهُم بسبب من الأسباب ، كما تفرق أهل خمر الدنيا بأنواع من التفريق .

وقرأ مجاهد :﴿ لَا يَصَدَّعُونَ ﴾، بفتح الياء وتشديد الصاد، على أن أصله : يتصدعون ، فأدغم التاء في الصاد . أي : لا يتفرقون ؛ كقوله تعالى :﴿ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ﴾(الروم: 43)  و قُرِىءَ :﴿لَا يَصَدَعُونَ﴾، بفتح الياء والتخفيف . أي : لا يصدع بعضهم بعضًا، ولا يفرقونهم . أي : لا يجلس داخل منهم بين اثنين، فيفرق بين المتقاربين ؛ فإنه سوء أدب، وليس من حسن العشرة .

وقوله تعالى:﴿وَلَا يُنْزِفُونَ﴾ ، قال مجاهد، وقتادة، والضحاك : لا تذهب عقولهم بسكرها، من نزف الشارب، إذا ذهب عقله . ويقال للسكران : نزيف و منزوف . قيل : وهو من نزف الماء : نزحه من البئر شيئًا فشيئًا . 

ومن بديع الإطناب كذلك قوله تعالى في سورة يوسف عليه السلام :﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى ﴾(يوسف : 53) .

ففي قوله :﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ﴾ تحيير للمخاطب وتردد، في أنه كيف لا يبرئ نفسه من السوء ، وهي بريئة ، قد ثبت عصمتها ! ثم جاء الجواب عن ذلك بقوله :﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبّى ﴾ .

والمراد بالنَّفْسَ النفس البشرية عامة. وأمَّارَةٌ صيغة مبالغة على وزن : فعَّالة. أي: كثيرة الأمر بِالسُّوءِ . أي : بجنسه . والمراد : أنها كثيرة الميل إلى الشهوات . والمعنى : إن كل نفس أمارة بالسوء ، إلا نفسًا رحمها الله تعالى بالعصمة .

وهذا التفسير محمول على أن القائل يوسف عليه السلام . والظاهر أنه من قول امرأة العزيز ، وأنه اعتذار منها عما وقعت فيه مما يقع فيه البشر من الشهوات . والمعنى : وما أبريء نفسي ، مع ذلك من الخيانة ، فإني قد خنته حين قذفته ، وقلت :﴿ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾(يوسف: 25) ، وأودعته السجن. تريد بذلك الاعتذار مما كان منها . ثم استغفرت ربها، واسترحمته مما ارتكبت .

ومن الآيات البديعة أيضاً، التي جمعت بين الإيجاز والإطناب ، في أسلوب رفيع من النظم بديع ، قول الله تعالى :

﴿ حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾(النمل: 18)

أما الإطناب فنلحظه في قول هذه النملة :﴿ يَا أَيُّهَا ﴾ ، وقولها : ﴿ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ . أما قولها : ﴿ يَا أَيُّهَا ﴾ فقال سيبويه : ” الألف والهاء لحقت { أيًّا } توكيدًا ؛ فكأنك كررت { يا } مرتين، وصار الاسم تنبيهًا “.

وقال الزمخشري : ” كرر النداء في القرآن بـ﴿ يَا أَيُّهَا ﴾ ، دون غيره ؛ لأن فيه أوجهًا من التأكيد ، وأسبابًا من المبالغة ؛ منها : ما في { يا } من التأكيد ، والتنبيه ، وما في { ها } من التنبيه ، وما في التدرُّج من الإبهام في { أيّ } إلى التوضيح . والمقام يناسبه المبالغة ، والتأكيد “ .

وأما قولها : ﴿ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ فهو تكميل لما قبله، جيء به ، لرفع توهُّم غيره ، ويسمَّى ذلك عند علماء البلاغة والبيان : احتراسًا ؛ وذلك من نسبة الظلم إلى سليمان - عليه السلام - وكأن هذه النملة عرفت أن الأنبياء معصومون ، فلا يقع منهم خطأ إلا على سبيل السهو . قال الرازي : ” وهذا تنبيه عظيم على وجوب الجزم بعصمة الأنبياء ، عليهم السلام “ .

ومثل ذلك قوله تعالى : ﴿ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾(الفتح:25) . أي : تصيبكم جناية كجناية العَرِّ ؛ وهو الجرب .

وأما الإيجاز فنلحظه فيما جمعت هذه النملة في قولها من أجناس الكلام ؛ فقد جمعت أحد عشر جنسًا : النداء ، والكناية ، والتنبيه ، والتسمية ، والأمر ، والقصص ، والتحذير ، والتخصيص ، والتعميم ، والإشارة ، والعذر .

فالنداء : { يا } . والكناية :{ أيُّ } . والتنبيه : { ها } . والتسمية : { النمل } . والأمر : { ادخلوا } . والقصص : { مساكنكم } . والتحذير : { لا يحطمنكم } . والتخصيص : { سليمان } . والتعميم : { جنوده } . والإشارة : { هم } . والعذر:{ لا يشعرون } .

فأدَّت هذه النملة بذلك خمسة حقوق : حق الله تعالى ، وحق رسوله ، وحقها ، وحق رعيتها ، وحق الجنود .

فأما حق الله تعالى فإنها استُرعيت على النمل ، فقامت بحقهم . وأما حق سليمان - عليه السلام - فقد نبَّهته على النمل . وأما حقها فهو إسقاطها حق الله تعالى عن الجنود في نصحهم . وأما حق الرعية فهو نصحها لهم ؛ ليدخلوا مساكنهم . وأما حق الجنود فهو إعلامها إياهم . وجميع الخلق ، أن من استرعاه الله تعالى رعيَّة ، وجب عليه حفظها ، والذبِّ عنها ، وهو داخل في الخبر المشهور: ”  كلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته “ . هذا من جهة المعنى .

وأما من جهة المبنى ( اللفظ ) فإن كلمة { نملة } من الكلمات، التي يجوز فيها أن تكون مؤنثة، وأن تكون مذكرة؛ وإنما أنث لفظها للفرق بين الواحد ، والجمع من هذا الجنس . ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام:” لا تضحِّي بعوراءَ ، ولا عجفاءَ ، ولا عمياءَ “ كيف أخرج هذه الصفات على اللفظ مؤنثة ، ولا يعني الإناث من الأنعام خاصة !

وأما تنكير { نملة } ففيه دلالة على البعضيَّة ، والعموم . أي : قالت نملة من هذا النمل . وهذا يعني أن كل نملة مسؤولة عن جماعة النمل .

و أما قولها : ﴿ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ﴾ ففيه إيجاز بالحذف بليغ ؛ لأن أصله : ادخلوا في مساكنكم ، فحذف منه { في } ، تنبيهًا على السرعة في الدخول .

ولفعل { دخل } استعمالات دقيقة في اللغة والقرآن ، تخفى حتى على الكثير من علماء اللغة والتفسير ، لخصها الأستاذ محمد إسماعيل عتوك في مقالته النقدية ( من أسرار تعدية الفعل في القرآن الكريم ) .

وأما قولها : ﴿ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ ﴾ ، بنون مشددة أو خفيفة ، فظاهره النفيُ ؛ ولكن معناه على النهي . والنهيُ إذا جاء على صورة النفي ، كان أبلغ من النهي الصريح . وفيه تنبيه على أن من يسير في الطريق ، لا يلزمه التحرُّز ؛ وإنما يلزم من كان في الطريق .

 وفي التعبير بـ ﴿ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ ﴾ ، دون غيره من الألفاظ، دلالة دقيقة على المعنى المراد ، لا يمكن لأيِّ لفظ أن يعبِّر عنه . ويبيِّن ذلك أن الحَطْمَ  في اللغة هو الهَشْمُ ، مع اختصاصه بما هو يابس ، أو صلب . والحطمة من أسماء النار ؛ لأنها تحطم ما يلقى فيها. وعن بعض العرب : قد تحطمت الأرض يبسًا ، فأنشبوا فيها المخالب ، وهي المناجل . أي : تكسرت زروع الأرض ، وتفتتت لفرط يبسها، فجزوها . ومن هنا نجد القرآن الكريم يستعمل لفظ الحطم للزرع اليابس المتكسر. قال تعالى :

﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ ﴾ (الزمر: 21)

وقد ثبت للعلماء أن الزرع يحتوي في ساقه وورقه على نسب كبيرة من الزجاج ؛ ولهذا نراه يتكسر حين يصفر ، كما يتكسر الزجاج . وكذلك النمل ، فقد ثبت أن جسم النملة يحتوي على نسبة كبيرة من الزجاج ، وأنه مغلف بغلاف صلب جداً قابل للتحطم؛ كالزرع اليابس ، والزجاج الصلب. وذلك يشكل إعجازًا علميًّا من إعجاز القرآن إلى جانب إعجازه البياني ، الذي يسمو فوق كل بيان ! 

وبعد .. فقد أدركت هذه النملة الضعيفة فخامة ملك سليمان ، وأحسَّت بصوت جنوده قبل وصولهم إلى وادي النمل ، فنادت قومها ، وأمرتهم بالدخول في مساكنهم أمر من يعقل ، وصدر من النمل الامتثال لأمرها ، فأتت بأحسن ما يمكن أن يؤتى به في قولها من الحكم، وأغربه ، وأفصحه ، وأجمعه للمعاني ؛ ولهذا تبسم سليمان عليه السلام حين سمع قولها، وروي عنه - عليه السلام - أنه قال لها : لم قلت للنمل : ﴿ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ﴾ ؟ أخفت عليهم من ظلمنا ؟! فقالت : لا ، ولكن خفت أن يفتتنوا بما يرَوْا من ملكك ، فيشغلهم ذلك عن طاعة الله !

وفي حديث سليمان - عليه السلام - مع النملة ، وحديثها مع قومها إعجاز آخر من إعجاز القرآن . فقد أثبت العلماء أن للنمل لغته الخاصة ، التي  يتفاهم بها ، كما أثبت أن النملة المؤنثة هي التي ترعى قومها ، وتتولى الدفاع عنهم ، وتنبههم لأي خطر قادم ، أو مفاجئ ، وليس للذكر أي دور في ذلك ؛ لأن مهمته مقتصرة على تلقيح الأنثى العذراء مرة واحدة في حياته، ثم يختفي . 

وأسرار النمل وعجائبه كثيرة ، ليس هذا المقال موضع بسطها ، ويكفي أن أشير إلى أن النمل - على ضعفه - مخلوق قويُّ الحسِّ ، شمَّامٌ جدًّا ، نشيط جدًّا ، يتميز بذكاء خارق ، وقبل تخزين الحب يقوم يشق الحبة من القمح قطعتين ؛ لئلا تنبت ، ويشق الحبة من الكزبرة أربع قطع ؛ لأنها إذا قطعت قطعتين أنبتت ، والحب الذي لا يستطيع شقه ، يقوم بنشره تحت أشعة الشمس بصفة دورية ومنظمة، حتى لا يصيبه البلل، أو الرطوبة فينبت، ويأكل في عامه بعض ما يجمع، ويدَّخر الباقي عدة أعوام ، وحياته مثل حياة النحل دقيقة التنظيم ، تتنوع فيها الوظائف ، وتؤدى جميعها بإتقان رائع ، يعجز البشر غالبًا عن إتباع مثله ، على الرغم مما أوتوا من عقل راق ، وإدراك عال .

بقي أن تعلم أن النمل يضرب المثل به في الضعف والقوة والكثرة، فمن أمثال العرب قولهم :” أضعف وأكثر وأقوى من النمل “. وحكي أن رجلاً قال لبعض الملوك : جعل الله قوَّتك مثل قوة النمل، فأنكر عليه ذلك ، فقال : ليس من الحيوان ما يحمل ما هو أكبر منه إلا النملة ، وقد أهلك الله تعالى بالنمل أمة من الأمم، وهي جرهم. ومن أمثالهم أيضًا قولهم :” أحرص من نملة ، وأروى من نملة “ لأنها تكون في الفلوات ، فلا تشرب ماء .

فتأمل حكمة الله تعالى في أضعف خلقه، وردِّدْ مع سليمان - عليه السلام - قوله :﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾.

الاثنين، 17 سبتمبر 2012

الحـــــــــــــــــــــــــــــجاب


بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله..

أمّا بعد:

فإنّ أعظم مظاهر العفاف في الأخت المسلمة هو الحجاب؛ فهو ينطوي على كل مفردات الطهارة والحياء.. ويشمل كل معاني الفضيلة والنقاء.. وهل العفاف إلاّ الحجاب!

فليس هو بعادة أملتها ظروف الحياة.. ولا ترات يميز المجتمعات.. وإنّما هو عبادة يتقرب بها إلى الله.. ويبتغى به وجهه.. لا تهزها عاصفة التيارات.. ولا يزحزحها صراع الحضارات لأنّها جزء من الدين.. يحفظ على المسلمين عفتهم.. ويحرس فضيلتهم.. ويحمي أعراضهم.

ولأنّ الحجاب عبادة واجبة على نساء المسلمين.. فإنّها لا تقبل التغيير أو التبدل لأنّها ثبتت بكلمات الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [سورة الأحزاب: 59]، وما ثبت بكلمات الله لا يمكن أن يبدل.. لأنّ كلام الله لايبدل.. {لاّ َمُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [سورة الأنعام: من الآية 115].

عفة الحجاب

حينما ندرك أنّ الحجاب هو رمز العفة والطهارة.. فلا بد أنّنا ندرك أيضا أنّ الميل عن الحجاب هو ميل عن العفة.. وإيذان بحلول الفواجع! فتمام العفة مع تمام الحجاب! 

وتأملي أختي المسلمة في قول الله جلّ وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [سورة الأحزاب: 59] ففي الآية ما يدل دلالة واضحة أنّ العفة تعلرف بالحجاب.. وأنّ المسلمة العفيفة الحيية إنّما تعرف بكمال حجابها، وكمال تسترها كما شرع الله وأمر!

"فهذه الآية نص على ستر الوجه وتغطيته، ولأنّ من تستر وجهها لا يطمع فيها طامع بالكشف عن باقي بدنها وعورتها المغلطة، فصار في كشف الحجاب عن الوجه تعريض لها بالأذى من السفهاء، فدل هذا التعليل على فرض الحجاب على نساء المؤمنين لجميع البدن والزينة بالجلباب؛ وذلك حتى يعرفن بالعفة، وأنّهن مستورات محجبات بعيدات عن أهل الريب والخنا، وحتى لا يفتتن ولا يفتن غيرهن فلا يؤذين.

ومعلوم أنّ المرأة إذا كانت غاية في الستر والانضمام، لم يقدم عليها من في قلبه مرض، وكفت عنها الأعين الخائنة بخلاف التبرجة المنتشرة الباذلة لوجهها، فإنّها مطموع بها.
واعلم أنّ الستر بالجلباب، وهو ستر النساء العفيفات يقتضي أن يكون الجلباب على الرأس لا على الكتفين.

ويقتضي أن لا يكون الجلباب ـ العباءة ـ زينة في نفسه، ولا مضافا إليه ما يزينه من نقش او تطريز، ولا ما يلفت النظر إليه وإلاّ كان نقضا لمقصود الشارع من إخفاء البدن والزينة، وتغطيتها عن عيون الأجانب". (حراسة الفضيلة للعلامة بكر أبو زيد ص 55 ـ 56).

إنّ العفاف المنشود من الحجاب لا يمكن أن تظفر به الأخت المسلمة إلاّ إذا أدركت جيدا المفهوم الشامل للحجاب.. وعرفت مدلوله ومعناه.. وما يقصد منه!

فحتى لو أدنت المسلمة جلبابها كما أمر الله، لكنّها لم تقر في بيتها.. وامنت الخروج صخبا في الشوارع والأسواق.. فإنّها بذلك الحال بعيدة عن العفاف لا لأنّها تعرض ذاتها وحجابها للفتنة بخروجها الذي لا ضرورة له!

ولذا فإنّ عفة الحجاب أشمل من مجرد لبس العباءة.. إنّها الحد الفاصل بين الفضيلة وما يخدشها.. سواء كان ما يخدشها: تبرج.. أو خروج.. أو كلام.. أو رفقة سيئة أو غير ذلك من قوادح العفاف.

فالأخت العفيفة لا تبارح بيتها إلاّ لحاجة تطلبها.. وذلك حفاظاعلى عفتها وصونا لعرضها.. ومن النساء من "تخرج متطيبة بطيب قوي الرائحة يفتن كل من في قلبه مرض من الرجال وربّما خلع ثياب الحياء وصار يلاحقها ويغازلها، تخرج من بيتها تمشي في السوق مشيا قويا كما يمشي أقوى الرجال وأشباههم كأنّما تريد أن يعرف النّاس قوتها ونشاطها وتمشي كذلك في السوق مع صاحبة لها تمازحها وتضاحكها بصوت مسموع وربّما تدافعها بتدافع منظور تقف على صاحب الدكان تبايعه، وقد كشفت عن يديها، وربّما عن ذراعيها، وربّما تمازحه، أو يمازحها، أو يضحك معها، إلى غير ذلك ممّا يفعله بعض النساء من أسباب الفتنة والخطر العظيم والسلوك الشاذ الخارج عن توجيهات الإسلام، وعن طريق أمة الإسلام.

يقول الله عزّ وجل لنساء نبيه صلى الله عليه وسلم وهنّ القدوة، وهنّ أعف النساء وأكرمهن وأرفعهن قدرا، يقول لهن: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [سورة الأحزاب: من الآية 33]". (نصائح وتوجيهات للبيوت ص 31).

ولذلك كانت البيوت من الحجاب الواجب في حق النساء.. فكما أنّ العباءة تحجب العيون الأجنبية عن النظر إلى النساء فكذلك البيوت تحجبها. ولا يعدل عن حجاب البيوت إلى غيره إلاّ لحاجة داعية!

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها» [رواه الترمذي].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل، ولهذا خصت بالاحتجاب وترك إبداء الزينة، وترك التبرج، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل؛ لأنّ ظهورها للرجال سبب الفتنة، والرجال قوامون على النساء". (مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 15/697).


إنّ الرجال الناظرين إلى النساء *** مثل السباع تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها **** أكلت بلا عوض ولا أثمان


إنّ قرار المرأة في بيتها يحميها من سموم العيون المريضة.. وفتن الاختلاط.. والأنفاس العليلة.. كما يمكنها من استثمار وقتها.. وأداء مسؤوليتها الأسرية.. فهي فتاة البيت وبهجته.. وهي الزوجة.. والأم المسؤولة عن أبنائها.. كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» [رواه البخاري ومسلم].

أمّا حال خروج الأخت المسلمة لحاجة داعية، فإنّها ملزمة وقتئذ بالحجاب الذي يسترها.. ويعلن للناظرين عفافها ونظافتها.. وهو لن يكون كذلك إلاّ إذا استوفى شروطه ونعوته المبينة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي:

1- أن يكون ساترًا لجميع بدن المرأة: لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [سورة الأحزاب: 59].
قالت عائشة رضي الله عنها: "يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [سورة النور: من الآية 31] شققن مروطهن فاختمرن". [رواه البخاري].

وقال القرطبي رحمه الله: "لما كانت عادة العربيات التبذل، وكنّ يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكر فيهن، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن".

وقال رحمه الله: "والصحيح أنّه (أي الجلباب) الثوب الذي يستر جميع البدن". (الجامع لأحكام القرآن 14/ 643 – 644).

2- أن لا يكون الحجاب زينة في نفسه: لأنّ المقصود منه هو لستر الزينة، وقطع دابر الفتنة، فإذا كان الحجاب مبديًا للزينة أو كان هو نفسه كذلك لم يحصل المقصود منه، وقد قال تعالى: {لَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [سورة النور: من الآية 31]، فظاهر العباءة يستحيل إخفاؤه عقلاً فهو لذلك ليس من الزينة ما دام لا يحتوي على زينة ملفتة للنظر كالتطريز والصور والكتابات ونحو ذلك مما يعلم منه أنّه زينة مثيرة.

3- أن يكون فضفاضا: لا يبرز بدن المرأة ولا يصفه بل فيه من الاتساع والشمول ما يستر حجمها، فعن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مالك لا تلبس القبطية؟» قلت: يا رسول الله كسوها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مرها فلتجعل تحتها غلالة إنّي أخاف أن تصف حجم عظامها».

4- أن يكون غير شفاف: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أراهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها النّاس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لايدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» [رواه أحمد].

قال ابن عبد البر رحمه الله: "أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي لا يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات بالحقيقة".

5- أن لا يكون معطرًا: لما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيّما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية» [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح].

6- أن لا يشبه لباس الرجال: لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس منّا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال» [رواه أحمد].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل».

7- أن لا يشبه لباس الكافرات: لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» [رواه أبو داود].
ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضا: «رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ ثوبين معصفرين فقال: إنّ هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها» [رواه النـسائي].

8- أن لا يكون لباس شهرة: لقوله صلى الله عليه وسلم: «من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارًا» [رواه أبوداود].

كيف تخدش عفة الحجاب؟!

أمور كثيرة تهدد في الحجاب تمامه وعفته، وتغير ملامح طهارته وجماله ونقاؤه.. وهذه الأمور هي ما يجعل كثيرًا من المحجبات يتساهلن بالحجاب.. ويدخلن عليه من التطوير.. والتغيير ما يهدد العفاف.. ويعرض الحياء والفضيلة للآفات! وأهم هذه الأمور:

1- ضعف الأيمان: 
فإنّ الإيمان بالله سبحانه ينشئ في القلب مراقبته على كل حال.. فلا تجرؤ الجوارح على الإقدام على مخالفة أمره.. أو اقتراف نهيه! وثمرة الإيمان هذه هي ما يثبّت المسلمة العفيفة على حجابها كما أمرها الله سبحانه.. وإن عاشت بحجابها الشرعي غريبة بين السافرات.. فهي تراقب الله وحده.. وترجو الثواب منه وحده.. وتدرك أنّ حجابها ـ مع أنّه دخرًا لها في الآخرة ـ هو سر عفتها وحصن فضيلتها.. وتاج شرفها ووقارها!

ولهذا كله لا تعبأ بالمحيط حولها.. ولا تستهويها تيارات السفور بكل أشكالها!
لأنّها تدرك أنّ حجابها مفرد من مفردات العبودية التي خلقت لأجلها {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [سورة الذاريات: 56].

2- موجة الموضة والأزياء: 
ومن عوامل هدم العفاف في لباس الأخت المسلمة ما ابتليت به الأسواق.. وروج له الفساق.. وفسدت به الأذواق.. وهو ما يسمونه: "بالموضة والأزياء" فهي همٌ فرض نفسه على النساء.. واستدرجهن إلى أحضانه.. حتى صرن يشغلن به في كل وقت وحين.. ودونه مال.. والجهد.. والعفاف!

وهذه الموجة العارمة.. لا تعرف حدودًا للزمان أو المكان.. ولا يخجلها عرف.. أو يمنعها أصل.. فهي كالنّار الملتهبة في انسيابها الفادح.. تحرق ما في طريقها.. ما دام قابلاً للاحتراق!

ولذلك لم تستثن من قاموسها أي لباس! فحتى الحجاب نفسه أصبح يخضع للقانون نفسه.. وأصبحت العباءات تحت رحمة الأذواق الأجنبية.. تفصلها بمقاسات لا يجيزها الدين.. ولا يحمدها العرف.

بينما تتطلع نفوس ضعيفات الإيمان للجديد، حتى ولو كان الجديد في الحجاب وقد جهلن أن لا جديد في الحجاب.

"إنّ التبرج الجديد هو الذي اصطلحوا على تسميته (بالحجاب العصري) وهو وإن كان مخلاً من الجملة بشروط الحجاب الشرعي إلاّ أنّه لا يصل إلى درجة العري الفاضح، لكنّه في النهاية يسمى تبرجًا وهو تعبير عن مرحلة انتقال لما هو شر منه، فأعداء العفاف جعلوه حلاً وسطًا تساير به المرأة المسلمة تطورات الموضة والزينة، وفي الوقت نفسه تكون بعيدة عن التبرج الصريح، وما هو في الحقيقة إلاّ استدراج ماكر، بيته دهاقنة دور الأزياء والموضة، وأباطرة الدعوة إلى السفور والانحلال، للقضاء على الحجاب الشرعي والنيل من بنات الإسلام، وجواهر المجتمع، ليسهل عليهم النيل من المسلمين جميعا كما جرت بذلك العادة في كثير من دول المسلمين". 

فاحذري أختي المسلمة من هذا الاستدراج الماكر.. فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم حذّر من اتباع سنن الكفار.. وما موجة الموضة والأزياء إلاّ سنة من سننهم..

فعن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه». قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن!» [رواه البخاري ومسلم].

ثم إنّ كل فتاة تتحرى اتباع ما تمليه الموضة من ألبسة دخيلة على الدين والعادة.. لا بد لها أن تقع في اتباع من تتشبه بهن من الكافرات في سلوكها وأخلاقها.. وذلك يؤثر حتما على حيائها وعفافها..

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "إنّ المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبًا وتشاكلاً بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس". (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ص 11).

3- دعاة على أبواب جهنم: 
وهم قتلة الفضيلة والمتواصلون بسحق العفاف.. قد سخروا أقلامهم وجهودهم لتشويه الحجاب.. وتحرير المرأة ـ زعموا ـ وهم ينادون في مجلاتهم المشبوهة.. وقنواتهم الهابطة بحرية المرأة.. وكأنّها تعيش حالة الاستعباد! ويصورونها بجلبابها وكأنّها ارتكبت منكرًا من الفعل وزورًا! 

وهم ـ كما هم ـ يرددون شعارات لطالما صرح بها الغرب.. فقد قالت الصليبية آنا مليجان: "ليس هناك طريقة لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة سلفرة متبرجة". (همسات في أذن فتاة ص 22).

ويقول غلادستون وهو صليبي أيضا: "لن يستقيم حال الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة، ويغطى به القرآن". (همسات في أذن فتاة ص 22).

وهذه الدعوات التي يرددها الكفار وأهل الشهوة والأهواء.. إن لم تجد لها صدى في نساء المؤمنين.. فإنّها أحيانًا تشكل نوعًا من الانهزام النفسي عند ضعيفات الإيمان.. لا سيما إذا صادفت في النفس تضعضعًا بسبب المعاصي والسيئات.. وتزامنت مع جموحها للشهوة والانفلات من العفاف!

ولذا فإنّ حرص الفتاة على عفاف نفسها وحجابها يتطلب منها ثباتًا أمام الفتن.. وتزودًا من الطاعة والعبادة والتقوى.. وأن تكون على مستوى من الوعي بما يكاد لها من طرف الغرب الحاقد وأذنابه ممن تشبعوا بثقافته الهابطة التي تدعو إلى الانحلال والرذيلة صابغة دعوتها بصبغ الحرية الشخصية.. والمساواة ونحو ذلك من المسميات.

وتذكري أنّ هؤلاءالدعاة لو كانوا مصلحين لأحوال المرأة.. لنجحت دعوتهم في الغرب أولاً.. ولما وصلت نساء الغرب إلى الانحطاط الأخلاقي.. والهبوط الجنسي.. حتى أصبحت كالبضاعة.. تكترى وتشترى.

قد توالت صرخات بعض المنصفين في الغرب نفسه يشهدون بعفة الحجاب.. وطهارة الإسلام.. 

                               بقلم : هبه محمد