كان صيادا يصطاد السمك ويقوت منه أطفاله وزوجته فخرج يوما للصيد فوقع في شبكته سمكة كبيرة ففرح بها ثم أخذها ومضى إلى السوق ليبيعها، فالتقى في الطريق برجل قوي البنية فلما رأى السمكة أراد أخذها من الصياد غصبا فمنعه فرفع المفتري عصا غليظة كانت بيده فضرب بها رأس الصياد ضربة موجهة واخذ السمكة منه بالقوة بلا ثمن.
فرفع الصياد يديه ودعا ربه قائلا: إلهي جعلتني ضعيفا وجعلته قويا عنيفا فخذ لي بحقي منه عاجلا، فقد ظلمني.أخذ الظالم المفتري السمكة وانطلق إلى منزله وسلمها إلى زوجته وأمرها أن تشويها، فلما شوتها قدمتها له ووضعتها بين يديه على المائدة ليأكل منها ففتحت السمكة فاها ونكزته في أصبع يده نكزة طار بها عقله فقام ولم يأكل منها وذهب إلى الطبيب يشكو ألم يده فلما رآها الطبيب قال: إن دواءها أن تقطع الأصبع لئلا يسري الألم إلى بقية الكف فقطع أصبعه فانتقل الألم إلى الكف وازداد الألم فقال له الطبيب:
ينبغي أن تقطع اليد إلى المعصم لئلا يسري الألم إلى الساعد، فقطعها فانتقل الألم إلى الساعد، فما زال هكذا كلما قطع عضوا انتقل الألم إلى العضو الآخر الذي يليه حتى خرج هائما على وجهه مستغيثا بربه ليكشف عنه ما نزل به، فرأى شجرة فقصدها فأخذه النوم عندها فنام فرأى في منامه قائلا يقول: يا مسكين إلى كم تقطع أعضاءك امض إلى الصياد الذي ظلمته فأرضه.
انتبه من نومه وفكر في أمره فعلم أن الذي أصابه من جهة الصياد وتذكر فعله فيه، فأخذ يسأل عن الصياد حتى استدل عليه فوقع بين يديه يتمرغ على رجليه طالبا منه السماح مما فعله به ودفع إليه شيئا من المال وتاب من فعله، فرضي عنه الصياد وسامحه فسكن في الحال ألمه وبات تلك الليلة نوما مريحا هانئا.
الظلم عاقبته وخيمة وعقوبته فاضحة يسمع بها ويراها أغلب الناس، ومهما تمر الأعوام فلكل ظالم نهاية تكون عبرة لغيره والظلم ظلمات يوم القيامة.
قال الله تعالى:{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ}
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه)).