قصة إسلام أم ذر :
أسلمت مع أبي ذر في أول الإسلام . فعن أبي الصباح الكوفي بإسناد له يصل به إلى النبي كان إذا أراد أن يتبسم قال لأبي ذر : " يا أبا ذر حدثني بيدء إسلامك " , قال : كان لنا صنم يقال له : نهم , فأتيته فصببت له لبنًا ووليت, فحانت مني التفاتة فإذا كلب يشرب ذلك اللبن , فلما فرغ رفع رجله فبال على الصنم فأنشأت أقول :
ألا يا نهم إني قد بدا لـي *** مدى شرفٍ يبعد منـك قربـا
رأيت الكلب سامك خط خسفٍ *** فلم يمنع قفاك اليوم كلبا
فسمعتني أم ذر فقالت : لقد أتيت جرمًا , وأصبت عظمًا حين هجوت نهمًا ، فخبرتها الخبر فقالت :
ألا فابغـنا ربـًّا كريمـًا *** جوادًا في الفضائل يا بن وهب
فما من سامه كلب حقير *** فلم يمنـع يداه لنـا برب
فما عبد الحجارة غير غاوٍ *** ركيك العقل ليس بذي لب
قال فقال : " صدقت أم ذر فما عبد الحجارة غير غاو " .
موقف أم ذر مع السيدة عائشة :
عن أيوب أن أم ذر دخلت على عائشة تسلم عليها وذلك في رمضان فقالت لها عائشة : أتسافرين في رمضان ، ما أحب أن أسافر في رمضان ، ولو أدركني وأنا مسافرة لأقمت.
عن محمد بن واسع أن رجلاً من البصرة ركب إلى أم ذر بعد وفاة أبي ذر يسألها عن عبادة أبي ذر، فأتاها فقال : جئتك لتخبريني عن عبادة أبي ذر ، قالت : كان النهار أجمع خاليًا يتفكر .
من كلمات أم ذر :
قالت أم ذر : والله ما سير عثمان أبا ذر, ولكن رسول الله قال : " إذا بلغ البناء سلعًا فاخرج منها " ، فلما بلغ البناء سلعًا وجاوز خرج أبو ذر إلى الشام .
موقف أم ذر يوم وفاة زوجها :
روى الإمام أحمد بسنده عن أم ذر قالت : لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت، فقال : ما يبكيك ؟ قالت : وما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض ولا يد لي بدفنك ، وليس عندي ثوب يسعك فأكفنك فيه ؟ قال : فلا تبكي و أبشري ، فإني سمعت رسول الله يقول : " لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران أو يحتسبان فيردان النار أبدًا " ، وإني سمعت رسول الله يقول : " ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين " ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية أو جماعة ، وإني أنا الذي أموت بفلاة والله ما كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ .
قال أبو نعيم في الحلية : فقال لها : فانظري الطريق . فقالت : أنّى وقد انقطع الحاج ، فكانت تشتد إلى كثيب تقوم عليه تنظر ثم ترجع إليه فتمرضه ، ثم ترجع إلى الكثيب ، فبينما هي كذلك إذا بنفر تخب بهم رواحلهم كأنهم الرخم على رحالهم ، فألاحت بثوبها فأقبلوا حتى وقفوا عليها ، قالوا : ما لك ؟ قالت : امرؤ من المسلمين تكفنونه يموت . قالوا : من هو ؟ قالت : أبو ذر فغدوه بإبلهم ووضعوا السياط في نحورها يستبقون إليه حتى جاءُوه .
وقال : أبشروا فحدثهم ، وقال : إني سمعت رسول الله يقول : " لنفر أنا فيهم ليموتن منكم رجل بفلاة من الأرض فتشهده عصابة من المؤمنين " ، وليس منهم أحد إلا وقد هلك في قرية وجماعة ، وأنا الذي أموت بالفلاة ، أنتم تسمعون إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنًا لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب لي أو لها ، أنتم تسمعون إني أنشدكم الله والإسلام أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرًا أو عريفًا أو نقيبًا أو بريدًا ، فليس أحد من القوم إلا قارف بعض ما قال ، إلا فتى من الأنصار، قال: يا عم أنا أكفنك لم أصب مما ذكرت شيئًا أكفنك في ردائي هذا الذي علي, وفي ثوبين في عيبتي من غزل أمي حاكتهما لي .
قال: أنت فكَفني ، فكفنه الأنصاري في النفر الذي شهدوه منهم حجر بن الأدبر ومالك بن الأشتر في نفر كلهم يمان .
المراجع :
الإصابة في تمييز الصحابة ابن حجر .
حلية الأولياء أبو نعيم .
تاريخ دمشق ابن عساكر .