الأحد، 15 يوليو 2012

و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم




قال ابن قيم الجوزية في كتابه صيد الخاطر في باب وما يتلقاها الا اللذين صبروا وما يتلقاها الا ذو حظ عظيم .

أعوذ با الله من صحبة البطالين ، لقد رأيت خلقاً كثيراً يجرون معي فيما قد اعتاده الناس من كثرة الزيارة ، و يسمون ذلك التردد خدمة ، و يطلبون الجلوس و يجرون فيه أحاديث الناس و ما لا يعني ، و ما يتخلله غيبة . 

و هذا شيء يفعله في زماننا كثير من الناس ، و ربما طلبه المزور و تشوق إليه ، و استوحش من الوحدة ، و خصوصاً في أيام التهاني و الأعياد . فتراهم يمشي بعضهم إلى بعض ، و لا يقتصرون على الهناء و السلام ، بل يمزجون ذلك بما ذكرته من تضييع الزمان . 

فلما رأيت أن الزمان أشرف شيء ، و الواجب انتهاؤه بفعل الخير ، كرهت ذلك و بقيت مهم بين أمرين : 
إن أنكرت عليهم وقعت وحشة لموضع قطع المألوف ، و إن تقبلته منهم ضاع الزمان ، فصرت أدافع اللقاء جهدي ، فإذا غلب قصرت في الكلام لأتعجل الفراق ، ثم أعددت أعمالاً تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم لئلا يمضي الزمان فارغاً . فجعلت من المستعد للقائهم قطع الكاغد و بري القلام ، و حزم الدفاتر ، فإن هذه الأشياء لا بد منها . و لا تحتاج إلى فكر و حضور قلب ، فأرصدتها لأوقات زيارتهم يضيع شيء من وقتي . 

نسأل الله عز وجل أن يعرفنا أوقات العمر ، و أن يوفقنا لاغتنامه .
و لقد شاهدت خلقاً كثيراً لا يعرفون معنى الحياة ، فمنهم من أغناه الله عن التكسب بكثرة ماله ، فهو يقعد في السوق أكثر النهار ينظر إلى الناس ، و كم تمر به من آفة و منكر . 

و منهم من يخلو بلعب الشطرنج ، و منهم من يقطع الزمان بكثرة الحوادث من السلاطين و الغلاء و الرخص ، إلى غير ذلك . 

فعلمت أن الله تعالى لم يطلع على شرف العمر و معرفة قدر أوقات العافية إلا من و فقه و ألهمه اغتنام ذلك و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم .

0 التعليقات:

إرسال تعليق