أتمنى أن تقرأوها وكأنكم تسمعوها من لسان والدتها ، سأروي لكم بالتفصيل قصة أفنان على لسان والدتها ، بدايتها تقول والدة أفنان : حينما كنت حاملاً باإبنتي أفنان ، رأى والدي في منامه عصافير صغيرة تطير في السماء ، وبينهم كانت تطير حمامة بيضاء وجميلة جداً ، طارت إلى بعيد وإرتقت بالسماء ، وسألت والدي عن تفسيره فأخبرني:
أن العصافير هم اولادي ، وأني سأنجب فتاة تقيه ....؟؟
ولم يكمل ، وأنا لم أستفسر عن تأويل هذه الرؤيا ، وبعدها أنجبت إبنتي أفنان ، وكانت تقيه بالفعل وكنت أرى فيها المرأة الصالحة منذ طفولتها ، وبعد أن أصبحت بالصف الرابع الابتدائي ، إبتعدت عن كل مايغضب الله ، فرفضت الذهاب إلى الملاهي أو إلى الزواجات.
وحتى لو كان قريباً جداً ، وكانت متعلقة بدينها غيورة عليه ، محافظة على صلواتها وعلى السنن ، وعندما وصلت إلى المرحلة المتوسطة ، بدأت مشروعها في الدعوة إلى الله ، وكانت ماترى منكراً إلا أنكرته ، وتأمر بالمعروف وتحافظ على حجابها ، وهي لم يجب عليها بعد ..
بداية الدعوة إلى الله .. وكان أول من أسلم على يدها هي خادمتنا (السيرلانكيه).
تقول والدة أفنان:
حين أنجبت إبني الصغير (عبدالله) ، وإضطررت لأستقدام خادمة لتعتني به في غيابي لاني موظفة ، وكانت ديانتها ( مسيحية) ، وبعد أن علمت أفنان أن الخادمة غير مسلمة غضبت ، وجائتني ثائرة وهي تقول :
أمي كيف تلمس ملابسنا وتغسل أوانينا ، وتعتني بأخي وهي كافره ؟؟؟
أنا مستعدة أترك مدرستي ، وأقوم بخدمتكم أربع وعشرين ساعة ، ولا تخدمنا كافره ! !
ولم أعطيها أي إهتمام لحاجتي الملحة لتلك الخادمة ، وبعدن شهرين فقط ، وجائتني الخادمة وهي فرحة ، وتقول : ماما أنا خلاص في مسلم أفنان علمتني الإسلام ، وفرحتُ جداً لهذا الخبر ..
أول وأخر زواج حضرته ، وحينما كانت افنان في الصف الثالث المتوسط ، طلب منها عمها الحضور لحفل زفافه وأصر عليها ، وإلا فانه لن يرضى عنها طيلة حياته ، وافقت أفنان على طلب عمها بعد إلحاحه الشديد ولأنها كانت تحبه كثيراً، وإستعدت أفنان لهذا الزواج ولبست له فستان ساتر بأكمام ، ووضعت لها تسريحة بسيطة وكانت غاية في الجمال ، كانت أفنان شديدة الجمال وكل من يراها ينبهر بجمالها ، لازلت أذكر شعرها حينما تلفه كان طويلاً وكثيفاً ، الجميع إنبهر بها ويسألني من هذه ؟؟؟
ولماذا أخفيتها عنا طيلة هذه المدة ، وبعد زواج عمها بفترة بسيطة أحست أفنان بألم شديد في قدمها ، وكانت تخفي عنا هذا الألم وتقول ألم بسيط في قدمي ، وبعد شهر ين أصبحت (تعرج) وحينما سألناها ، قالت ألم بسيط سيزول ...إن شاء الله.
وبعد شهر أصبحت عاجزة كلياً عن المشي ، أخذناها للمستشفى وتم عمل الفحوصات اللازمه والأشعه ، وفي أحد الغرف في ذلك المستشفى الكبير،كان هناك أنا ووالد أفنان وعمها ودكتور (تركي) ومترجم وممرضة (غير مسلمين).
وأفنان مستلقية على السرير، وكان الدكتور والمترجم لاينظرون إلينا ، ويكلمون أفنان اخبرها الدكتور أنها مصابة بالسرطان في قدمها ، وانها سوف تُعطى ثلاث إبر كيماوي وسيسقط شعرها وحواجبها كلها ، صعقت لهذا الخبر أنا ووالدها وعمها ، وجلسنا نبكي بحرقة ، أما أفنان فوضعت يديها على فمها وهي فرحة وتقول:
الحمد لله ...الحمد لله ...الحمد لله
قربتها من صدري وأنا أبكي بحرقة ؟؟ قالت : يا أمي الحمد لله أن المصيبة بي وليست في ديني .. ( الله أكبر )
وأخذت تحمد الله بصوت عالي والجميع ينظرون إليها بدهشة !! إستصغرت نفسي وأنا أراها طفلتي الصغيرة وقوة إيمانها ، ومدى ضعف إيماني ، كل من كان معنا تأثر من هذا الموقف ومن قوة إيمانها ، أما الدكتور والمترجم والممرضة فقد أعلنوا إسلامهم.
لله درّها من فتاة .
( رحلة العلاج والدعوة إلى الله )
قبل أن تبدأ أفنان جلساتها بالكيماوي ، طلب منها عمها أن يحضر لها ( كوافيرة) ، لتقص لها شعرها قبل أن يسقط بالعلاج ، فرفضت وبشدة حاولت أنا إقناعها لتلبية رغبة عمها ، ولكن كانت ومازالت ترفض وأصررت عليها ومازالت ترفض ، وهي تقول : لاأريد أن أُحرم أجر كل شعرة تسقط من رأسي !!
إنطلقنا أنا وزوجي وأفنان في أول طائرة إلى أمريكا لعلاج أفنان ، وعندما وصلنا هناك قابلتنا دكتورة أمريكية كانت تشتغل بالسعودية منذ خمسة عشر سنة ، وتتقن بعض الكلمات العربية حينما رأتها أفنان سألتها : هل انتي مسلمة ..؟
فقالت لا ...اخذتها أفنان إلى أحد الغرف وجلست تدعوها إلى الإسلام ، جائتني الدكتورة وقد إمتلاءت عيناها بالدموع وقالت:
إنها منذ خمسة عشر سنة بالسعودية ، لم يدعوها أحد للإسلام وهنا تأتي هذه الصغيرة وأُسلم على يدها ( الله أكبر ).
في أميريكا أخبرونا أنه لا علاج لها غير بتر رجلها خشية أن يصل السرطان إلى رئتها ويقضي عليها أفنان لم تخش البتر بل كانت تخاف على مشاعر والديها ، وفي أحد الأيام كانت أفنان تحدث أحد صديقاتها (رانيا).
وكانت تسألها : ما رأيك أن أدعهم يبترون قدمي ؟؟ فحاولت أن أُطمئنها وأنه يمكن أن يضعوا لها قدم بديلة ، فأجابتها وقالت بالحرف الواحد ، أنا لاتهمني قدمي لكن أودّ حين يضعوني بقبري أن أكون كاملة ؟؟!!
تقول رانيا أني بعد إجابة أفنان أحسست بأني صغيرة أمامها لا أفقه شيء ، كان تفكيري كله كيف ستعيش وكان تفكيرها أرقى من ذلك،، كانت تفكر كيف ستموت !!
عدنا إلى الرياض بعد أن بترنا قدم أفنان وكانت المفاجئة أن السرطان وصل إلى الرئتين !! وكانت حالتها ميؤؤس منها ، بالمستشفى لم يكن يُسمع صوت الآذان ، وكانت حالتها شبه غيبوبة ، وبمجرد دخول وقت الصلاة تستيقظ من غيبوبتها ، وتطلب الماء ثم تتوضاء وتصلي دون أن يوقظها أحد!!
( آخــر أيام أفنـان )
أخبرنا الأطباء أنه لاجدوى من وجودها بالمستشفى ، فكلها يوم أو إثنان وستفارق الحياة وأنه بإمكاننا أن نأخذها للبيت ، وكنت أوّد أن تقضي إبنتي أيامها الأخيرة في بيت أمي بجانبي ، وفي بيت أمي كانت تنام أفنان في تلك الغرفة الصغيرة ، كنت أجلس إلى جانبها في بعض الأحيان وأتحدث معها ، وفي أحد الأيام حضرت زوجة عمها لزيارتها وأخبرتها أنها بالغرفة نائمة ، وحين دخلت للغرفة صعقت ثم أغلقت الباب فخفت أن يكون حدث لأفنان أمر سألتها ولم تخبرني لم أتمالك نفسي فذهبت إليها وحين فتحت الغرفه أذهلني مارأيت.
كانت الأنوار مطفئة ووجه أفنان يشع نوراً في وسط الظلام رأتني ثم ، إبتسمت وقالت :
أُمي تعالي سأخبرك برؤيا رأيتها ، وقلت : خيراً إن شاء الله
قالت: لقد رأيت أنني عروس في يوم زفافي وكنت أرتدي فستان أبيض كبير، وأنت وأهلي جميعكم حولي كلهم كانوا فرحين بزواجي إلا أنت يا أُمي .
وسألتها وماذا تظنين تفسير رؤياك ، قالت: أضن بأنني سأموت وكلهم سينسوني وسيعيشون حياتهم فرحين ، إلا أنت يا أُمي فستظلين تذكرينني وتحزنين على فراقي ، وصدقت أفنان أنا الآن وأنا أقول القصة أحترق في داخلي وكل ماتذكرتها حزنت عليها.
وفي أحد الأيام كنت جالسة بقرب أفنان أنا ووالدتي _ جدة أفنان _وكانت أفنان مستلقية على سريرها ، ثم استيقظت وقالت: أمي إقتربي مني أريد أن أُقبلك.
فقبلتني ثم قالت أريد أن أقبل خدك الأخر فأقتربت منها وقبلتني ، وعادت تستلقي على سريها ، قالت لها والدتي : أفنان قولي لا إله إلا الله ، فقالت : أشهد أن لا إله إلا الله..
ثم توجهت إلى القبلة وقالت أشهد أن لا إله الا الله ونطقتها عشر مرات ، ثم قالت أشهد أن لا إاله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله وخرجت روحها ..
رائحة مسك ، اصبحت الغرفة تعم برائحة المسك ، لمدة أربع أيام ولم أستطع أن أتحمل وخافوا أهلي علي وعلى نفسيتي ، وطيبوا الغرفة ، لكي لا احس بأنها رائحة أفنان ..
أسأل الله لنا ولكم حسن الختام
0 التعليقات:
إرسال تعليق