الأحد، 6 مايو 2012

قصة لن تتكرر !!!




أتى شابّان إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان في المجلس وهما يقودان رجلاً من البادية فأوقفوه أمامه، قال عمر: ما هذا !! ...
 قالوا: يا أمير المؤمنين، هذا قتل أبانا ؟!  
قال: أقتلت أباهم ؟! 
قال: نعم قتلته ! 
قال : كيف قتلتَه ؟ 
قال : دخل بجمله في أرضي،فزجرته، فلم ينزجر،فرميته بحجر فوقع على رأسه فمات.. 
قال عمر: القصاص (الإعدام) قرار لم يكتب، وحكم سديد لا يحتاج مناقشة، لم يسأل عمر عن أسرة هذا الرجل، هل هو من قبيلة شريفة ؟! هل هو من أسرة قوية ؟! 

ما مركزه في المجتمع ؟ كل هذا لا يهم عمر - رضي الله عنه - لأنه لا يحابي ‏أحداً في دين الله، ولا يجامل أحدا ً على حساب شرع الله، ولو كان إبنه ‏القاتل، لاقتص منه .

قال الرجل: يا أمير المؤمنين، أسألك بالذي قامت به السماوات والأرض ‏أن تتركني ليلة، لأذهب إلى زوجتي وأطفالي في البادية، فأُخبِرُهم ‏بأنك ‏سوف تقتلني، ثم أعود إليك، والله ليس لهم عائل إلا الله ثم أنا .. 

قال عمر رضي الله عنه: من يكفلك أن تذهب إلى البادية، ثم تعود إليَّ ؟! 

فسكت الناس جميعاً، إنهم لا يعرفون إسمه، ولا خيمته، ولا داره، ‏ولا قبيلته ولا منزله، فكيف يكفلونه، وهي كفالة ليست على عشرة دنانير، ولا على ‏أرض ، ولا على ناقة ، إنها كفالة على الرقبة بأن تُقطع بالسيف !! .. 

ومن يعترض على عمر في تطبيق شرع الله ؟! ومن يشفع عنده ؟! ومن ‏يمكن أن يُفكر في وساطة لديه ؟! فسكت الصحابة، وعمر مُتأثر، لأنه وقع في حيرة، هل يُقدم فيقتل هذا الرجل، وأطفاله يموتون جوعاً هناك أو يتركه فيذهب بلا كفالة، فيضيع دم المقتول، وسكت الناس، ونكّس عمر رأسه، وإلتفت إلى الشابين :أتعفوان عنه ؟! قالآ : لا، من قتل أبانا لا بد أن يُقتل يا أمير المؤمنين.. 

قال عمر : من يكفل هذا أيها الناس ؟!! 

فقام أبو ذر الغفاريّ رضي الله عنه بشيبته وزهده، وصدقه، وقال: يا أمير المؤمنين، أنا أكفله!! 

قال عمر: هو قَتْل، قال: ولو كان قاتلاً !! 

قال: أتعرفه ؟ !قال: ما أعرفه، قال : كيف تكفله؟! 

قال: رأيت فيه سِمات المؤمنين، فعلمت أنه لا يكذب، وسيأتي إن شاء‏ الله..!! 

قال عمر : يا أبا ذرّ، أتظن أنه لو تأخر بعد ثلاث أني تاركك! 

‏قال: الله المستعان يا أمير المؤمنين .. 

‏فذهب الرجل، وأعطاه عمر ثلاث ليالٍ، يُهيئ فيها نفسه، ويُودع أطفاله وأهله، وينظر في أمرهم بعده، ثم يأتي، ليقتص منه لأنه قتل .. 

وبعد ثلاث ليالٍ لم ينس عمر الموعد، يَعُدّ الأيام عداَ، وفي العصر ‏نادى ‏في المدينة: الصلاة جامعة، فجاء الشابان، وإجتمع الناس، وأتى أبو ‏ذر الغفاري وجلس أمام عمر، _رضي الله عنهم أجمعين_ .. قال عمر: أين الرجل ؟! 

قال: ما أدري يا أمير المؤمنين !! وتلفَّت أبو ذر إلى الشمس، وكأنها تمر سريعة على غير عادتها،، وسكت‏الصحابة وأجمين، عليهم من التأثر مالا يعلمه إلا الله تعالى .. صحيح أن أبا ذرّ يسكن في قلب عمر، وأنه يقطع له من جسمه إذا أراد لكن هذه شريعة، لكن هذا منهج، لكن هذه أحكام ربانية، لا يلعب بها ‏اللاعبون ‏ولا تدخل في الأدراج لتُناقش صلاحيتها، ولا تنفّذ في ظروف دون ظروف ‏وعلى أناس دون أناس، وفي مكان دون مكان .. وقبل الغروب بلحظات، إذا بالرجل يأتي ، فكبّر عمر، وكبّر المسلمون‏ جميعاَ معه .. 

‏فقال عمر: أيها الرجل أما إنك لو بقيت في باديتك، ما شعرنا بك ‏وما عرفنا مكانك !! 

‏قال: يا أمير المؤمنين، والله ما عليَّ منك ولكن عليَّ من الذي يعلم السرَّ وأخفى !! ها أنا يا أمير المؤمنين، تركت أطفالي كفراخ‏ الطير لا ماء ولا شجر في البادية، وجئتُ لأُقتل،، وخشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس،، فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته؟؟! 

فقال أبو ذر رضي الله عنه: خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس .. 

‏فوقف عمر وقال للشابين: ماذا تريان ؟! 

‏قالآ وهمآ يبكيان : عفونا عنه يا أمير المؤمنين لصدقه،، 

وقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس ! 

‏قال عمر رضي الله عنه: الله أكبر، ودموعه تسيل على لحيته،، جزاكمآ الله خيراً أيها الشابان على عفوكما، وجزاك الله خيراً يا أبا ‏ذرّ يوم فرّجت عن هذا الرجل كربته، وجزاك الله خيراً أيها الرجل لصدقك ووفائك .. 

‏وجزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين لعدلك و رحمتك.. 

‏قال أحد المحدثين: والذي نفسي بيده، لقد دُفِنت سعادة الإيمان ‏والإسلام في أكفان عمر ..!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق