كثيراً ما يدور التساؤل التالي: هل يتّهم الإسلام الحبُّ ويُدينه؟ والجواب أن الإسلام لا يتهم ولا يدين كل أصناف الحب ، إنما يتهم فقط ذلك النوع الذي ينشأ ويستمر في الظلام!!! وكل ما ينشأ في الظلام يختنق وينتهي غالباً في الظلام أشد منه " ،كما أن الاسلام لا يمانع الحب فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما روئي من المتحابين خير من النكاح» .
إلا أن الإسلام يضع لهذا الحب آداب معينة وضوابط شرعية كثيرة تمنعه من الخروج عن ما هو مألوف والانزلاق إلى المعاصي التي لا تحمد عقباها .
جعل الله سبحانه وتعالى الحب عنوان علاقته بأفضل خلقه وأقربهم إليه، فحين أخبرعن حالهم معه –سبحانه- وصف علاقته بهم وعلاقتهم به بقوله تعالى: "يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ".
وتنقسم علاقة الحب بين الشاب والفتاة في الإسلام إلى قسمين رئيسين: حب سوي، وحب غير سوي. فالحب غير السوي هو إقامة علاقة بين شاب وفتاة من استلطاف ولغة عيون وخفقان قلب وغيرها من الاعراض التي لا تحل له ولا تربطهما علاقة تبيح هذا الحب .
أما الحب السوي فهو كحب الرجل لزوجه، وليس هناك ثمة مشكلة من هذه العلاقة لأنها علاقة سوية مستقيمة لا خطر منها، والمتأمل لأحوال المحبين يجد نماذج عديدة منها ما اشتهر تاريخياً قبيل الإسلام نجد عشاق العرب كانو يحبون الحب العذري وهو الحب العفيف الطاهر هؤلاء مثل قيس وليلى كيف أحبها هي بنت عمه يراها وهي خارجة ورائحة ترد الماء، وعاش في الصبا يراها فتعلق قلبه بها، كذلك عنترة وعبلة أو كُثيِّر وعزة أو جميل وبثينة،على رأسهم الأنبياء عليهم السلام مثل:
1-نبي الله ابراهيم عليه السلام الذي كان يحب سارة زوجته سارة حباً شديداً لمدة ثمانين عاماُ، ومع حاجته الشديدة إلى الانجاب لم يتزوج من إلا بعدما طلبت منه السيدة سارة أن يتزوج من هاجر وألحَّت عليه .
2- نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يستَحِ من إعلان حبه لأم المؤمنين عائشة حين عاد "عمرو بن العاص" منتصراً من غزوة "ذات السلاسل"،وسأله:"مَن أحب الناس إليك؟"-ظناً منه أنه سيكون هو- فقال له صلى الله عليه وسلم أمام الناس:" عائشة"!!!!!،فقال عمرو:" إنما أسألك عن الرجال"،فقال صلى الله عليه وسلم مؤكداً إعتزازه بعائشة: أبوها" .
وهذا إضافة إلى حبه الشديد للسيدة خديجة رضي الله عنها ، وكان يقول لعائشة رضي الله عنها عندما تبدي غيرتها منه:" إني قد رُزِقتُ حبَّها"!!!![رواه البخاري] .
3- قصة مغيث وبريرة كانا زوجين... لكن ما لبثت الخلافات بينهما أن اشتعلت، حتى انتهى الأمر بالطلاق.. ولكن مغيثًا ندم على ذلك بشدة؛ لأنه لم يستطع أن ينزع حبها من قلبه، وفشل في أن يخفيه، وظل كبده يتحرق شوقًا إلى حبيبته، فكان يجوب الطرقات وراءها... ودموعه تسيل على خديه.. ومن فرط صدق هذا الحب وجماله رق إليه قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب إلى بريرة و قال لها: "لو راجعتيه؛ فإنه أبو ولدك".
فقالت له: أتأمرني..يا رسول الله؟ فقال لها: "إنما أنا شافع" ... قالت: فلا حاجة لي فيه..
من هنا فلا بد من "التفريق بين الحب كممارسة وسلوك وبين الحب كمشاعر ، فالحلال منه إذا كان مجرد مشاعر أما إذا تحول الحب إلي سلوك كلمسة وقبلة ولمة ,وغيرها ففي هذه الحالة يكون حكمه حراما وينتج عنه سلبيات كثيرة لأنه من الصعب على المحب ضبط حبه" .
وقد كانت امرأة العزيز ونسوة المدينة المثل الذي ضربه الله تعالى نموذجا للحب الذي يتعدى المشاعر إلى السلوك العملي ، وهو السلوك المنهي عنه شرعاً ، بل انه يقارب الزنا في حكمه .
0 التعليقات:
إرسال تعليق